توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم

توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم – كشف التعديل الأخير من مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل إلى انخفاض معدل التضخم في الولايات المتحدة لشهر ديسمبر إلى 0.2%، مقابل 0.3% المعلن عنها سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، ظل مؤشر أسعار المستهلك الأساسي، باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، مستقرا مع زيادة بنسبة 0.3%، بما يتفق مع البيانات الأولية.

والجدير بالذكر أن المراجعات قامت أيضًا بتعديل أرقام مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسية لشهري نوفمبر وأكتوبر بشكل تصاعدي، مما يشير إلى زيادة بنسبة 0.2% في نوفمبر وارتفاع بنسبة 0.1% في أكتوبر، على عكس التقارير السابقة عن الركود.

على الرغم من التغييرات المتواضعة، تؤكد هذه المراجعات وجود اتجاه معتدل في التضخم الرئيسي قرب نهاية عام 2023. في نفس الوقت، سجل التضخم الخاص بشهر يناير ارتفاع على أساس سنوي عند 3.1% مقارنة برقم شهر ديسمبر عند 3.4% في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع عند 2.9%، الأمر الذي اعاد مخاوف التضخم مرة اخرى.

في غضون ذلك، سجل بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك اتجاهات مثيرة للقلق في ديون الأسر، مما سلط الضوء على زيادة كبيرة في ديون بطاقات الائتمان بمقدار 143 مليار دولار وديون السيارات بمقدار 55 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2023. علاوة على ذلك، شهدت ديون بطاقات الائتمان والسيارات ارتفاعًا معدلات التحول إلى الانحراف الخطير مقارنة بنفس الفترة من عام 2022 بارتفاع قدره 6.36% و2.66% على التوالي.

وأكد ويلبرت فان دير كلاو، مستشار البحوث الاقتصادية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أن معدلات الانحراف المتزايدة هذه، وخاصة بين الأسر الأصغر سنا وذات الدخل المنخفض، تشير إلى ضغوط مالية متزايدة. وبشكل عام، ارتفع إجمالي ديون الأسر بمقدار 607 مليارات دولار على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2023.

تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي

توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم
توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم

على مدار الشهر الجاري، توالت تصريحات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي فيما يخص مستجدات السياسة النقدية الأمريكية. حيث صرح أوستان جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أن قوة سوق العمل التي أشارت إليها بيانات الوظائف غير الزراعية لشهر يناير قد لا تكون قوية كما ورد في البداية، مع إثارة المخاوف بشأن الإنتاجية الإجمالية مما يؤثر على الأرقام. وشدد جولسبي على الحاجة إلى تفسير حذر للبيانات وسلط الضوء على أهمية استمرار قوة سوق العمل في الوفاء بتفويضات بنك الاحتياطي الفيدرالي.

 أكدت لوريتا ميستر، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند على ضرورة انخفاض التضخم باستمرار قبل النظر في أي تخفيضات في أسعار الفائدة، مسلطًا الضوء على موقف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بشأن الحاجة إلى ثقة أكبر في تحرك التضخم نحو المعدل المستهدف وهو 2%.

وحذرت من الحفاظ لفترة طويلة على المعدل الحالي، الأمر الذي قد يؤدي عن غير قصد إلى تشديد موقف السياسة. في تصريحات اخرى، مع الاعتراف بأهمية العملات المشفرة ومراقبة تطورها فيما يتعلق بمخاوف الاستقرار المالي.

ما بين تفاؤل وتوقعات متشائمة

 سلط  توماس باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند الضوء على حالة عدم اليقين السائدة بشأن مسار التضخم، على الرغم من الانخفاضات الأخيرة في أسعار المستهلكين. وأعرب عن تفاؤل حذر بشأن تباطؤ التضخم لكنه شدد على أهمية مراقبة البيانات المستقبلية بشأن التوظيف والطلب والتضخم قبل النظر في تعديلات أسعار الفائدة. كما دعا باركين إلى الصبر بشأن التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة، مشيرًا إلى ارتفاع حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وامتنع عن تقديم توقعات محددة لخفض أسعار الفائدة، مشددًا على التركيز على المشهد الاقتصادي الأوسع بدلاً من مسار سعر الفائدة المحدد مسبقًا.

 اقترحت سوزان كولينز، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في بوسطن أن تخفيف السياسة النقدية في وقت لاحق من العام قد يكون مناسبًا بناءً على الاتجاهات الاقتصادية المتطورة. وأشارت إلى مرونة الطلب لكنها سلطت الضوء على أهمية التقييم المستمر للبيانات والتوقعات لإجراء تعديلات على السياسات.

كما ناقشت إمكانية الحفاظ على أسعار الفائدة الحالية لفترة ممتدة في حالة توقف تراجع التضخم. وشددت على المخاطر الجيوسياسية التي تهدد التضخم وسلطت الضوء على أهمية مواصلة رصد التضخم واتجاهات سوق العمل.

في نفس الإطار، أشار نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس إلى أن تخفيضين أو ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2024 قد يكون مناسبًا، ويتوقف ذلك على ديناميكيات التضخم المستقبلية. وشدد على أهمية البيانات في تحديد وتيرة تعديلات أسعار الفائدة. كما أشار كاشكاري إلى غياب بيانات التضخم على أساس سنوي بينما سلط الضوء على الاتجاهات الإيجابية في البيانات قصيرة المدى. وأعرب عن تفاؤله بشأن تجنب الركود وأكد موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي غير السياسي بشأن قرارات أسعار الفائدة. في نفس الوقت، حذر كشكري من تفسير البيانات الاقتصادية الأخيرة على أنها إيجابية بشكل لا لبس فيه، مستشهدا بمؤشرات الضعف مثل زيادة حالات التأخر في سداد القروض وتحديات قطاع العقارات التجارية. وناقش إمكانية وجود بيئة أسعار فائدة محايدة أعلى تؤثر على السياسة النقدية.

اخيرًا ناقش رافائيل بوستيك، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا تطبيع أنماط نمو الأجور بسبب قوة سوق العمل. وسلط الضوء على تأثير التحولات في عصر الوباء على أسواق العمل وشدد على أهمية اتجاهات العمل عن بعد في تشكيل اعتبارات السياسة المستقبلية.

توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم

من خلال التصريحات السابقة نلاحظ نهج حذر لخفض أسعار الفائدة، ضمن تحديثات توقعات السياسة النقدية الأمريكية بعد بيانات التضخم، حيث أكد العديد من الأعضاء، بما في ذلك ميستر وباركين وكوغلر، على أهمية الصبر والحذر فيما يتعلق بأي تخفيضات محتملة في أسعار الفائدة. وسلطوا الضوء على الحاجة إلى انخفاض مستمر في التضخم وإجراء تقييم دقيق للبيانات الاقتصادية قبل النظر في مثل هذه الإجراءات.

في نفس الوقت، أوصى العديد من صناع السياسة النقدية أهمية رصد اتجاهات التضخم، أكد أعضاء مثل كاشكاري وكوغلر على أهمية مراقبة ديناميكيات التضخم، على المدى القصير والطويل، لتحديد مسار العمل المناسب. وأشاروا إلى أنه يمكن النظر في خفض أسعار الفائدة إذا توقف التضخم أو إذا كانت هناك علامات على انخفاض مستمر في التضخم.

كذلك نجد الضرورة على تأكيد تقييم عدم اليقين الاقتصادي، في هذا الشأن سلط باركين وكولينز وكاشكاري الضوء على حالة عدم اليقين المتزايدة المحيطة بالتوقعات الاقتصادية. ويشير هذا إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يحافظ على نهج مرن في السياسة النقدية، مع اعتماد القرارات على الظروف والبيانات الاقتصادية المتطورة.

التركيز على قوة سوق العمل ناقش بوستيتش تطبيع أنماط نمو الأجور، مشيرًا إلى أن قوة سوق العمل يمكن أن تؤثر على قرارات السياسة. وقد يؤدي الرصد المستمر لاتجاهات سوق العمل، بما في ذلك نمو الأجور وأرقام التوظيف، إلى توجيه إجراءات السياسة المستقبلية.

أثر خفض “الاحتياطي الفيدرالي” لأسعار الفائدة 

على المدى البعيد تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة المقترحة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي إيجابية، خاصة بالنسبة للأسهم والأصول الخطرة، مما قد يؤثر على:

  • تقسيم المحفظة الاستثمارية التقليدية بنسبة 60/40. 
  • تنخفض عوائد الادخار النقدي بسبب انخفاض أسعار الفائدة، مما يؤثر على حسابات الادخار ذات العائد المرتفع على مستوى العالم.
  • هناك تأثيرات على أسعار الصرف، وخاصة العملات الرئيسية لمجموعة العشرة، مقابل الدولار الأمريكي. 
  • تراجع أسعار الفائدة على الرهن العقاري وتكاليف بطاقات الائتمان، مما يفيد مشتري المنازل والمستهلكين.

 

التعليقات مغلقة.