ما هي سياسة التحكم في منحنى العائد التي يتبعها بنك اليابان

كثيرًا ما نسمع عن تدخل البنك المركزي الياباني في عمليات إعادة شراء مفاجئة للسندات، بهدف (التحكم في منحنى العائد) في سوق السندات بالبلاد لمواجهة ارتفاع العائدات ومحاولة التأثير على أسعار الفائدة في السوق.  فما هو التحكم في منحنى العائد؟ وما هو مفهوم سندات الأجل وما هي أهمية سندات الأجل 10 سنوات؟

تعتبر سندات الأجل من أهم  الأصول التي يتم استخدامها الكيانات مثل الحكومات والشركات كوسيلة لاقتراض الأموال. تكون هذه السندات عادة محددة المدة اي هناك زمن محدد تنتهي فيه  مدة الاستدانة مثل سنة او حتى 30 سنة. تعتبر سندات الأجل 10 سنوات من أشهر أنواع السندات والأكثر انتشارَا. فهي جزء أساسي من سوق المال خاصة أن معدل الفائدة المحسوب على تلك السندات تعتبر مؤشر لقياس قوة الاقتصاد (السندات الحكومية)

في اليابان على سبيل المثال يعتبر معدل الفائدة المحتسب على تلك السندات احد الوسائل الهامة للتنبؤ باتجاهات الاقتصاد في البلاد. خاصة وأن السندات اليابانية تعتبر من الأصول الاستثمارية الآمنة. فعندما ينخفض معدل الفائدة على هذه السندات، فهي دلاله على دخول الاقتصاد على بعض الصعوبات وتوسع مخاوف للركود، بينما على الجانب الاخر ارتفاع معدلات الفائدة المستحقة على ذلك النوع من السندات اشارة على نمو الاقتصاد.

سندات اليابان أجل 10 سنوات والين

في اليابان هناك ترابط ما بين سوق السندات وسوق العملات . فعند ارتفاع العائد على السندات، تثير سندات الحكومة اليابانية شهية المستثمرين، وبالتالي يرتفع الطلب على العملة الوطنية الين، والذي يرتفع مقابل العملات الرئيسية. حيث يقبل المستثمرون على الين الياباني للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة والاستثمار في السندات اليابانية.

عائد سندات اليابان أجل 10 سنوات يعتبر مؤشر اقتصادي هام يتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك أحوال الاقتصاد في البلاد، والسياسات النقدية التي يتبعها بنك اليابان، كذلك توقعات التضخم المستقبلية، ومدى تدفق الاستثمارات الأجنبية.

تقوم الحكومة اليابانية بإصدار سندات حكومية مثلها مثل أغلب الحكومات العالمية باعتبارها أداة للاقتراض المالي، مع تميز تلك السندات لدى المستثمرين باعتبارها أصول آمنة خاصة مع ارتباطها بالين الياباني الذي تم تصنيفه باعتباره عملة ملاذ آمن.

عائد سندات اليابان أجل 10 سنوات يعكس مستوى الفائدة السنوية التي يحصل عليها المستثمرون عند شراء هذه السندات واحتفاظها بها حتى انتهاء فترة الأجل.

العوامل المؤثرة في السندات اليابانية

أداء الاقتصاد اليابان

تتأثر عائدات سندات ذات أجل 10 سنوات بأداء الاقتصاد سلبًا او إيجابًا. فعندما يكون الاقتصاد قويًا ومستقرًا، يتراجع الطلب على السندات وبالتالي يرتفع العائد على تلك السندات. والعكس بالعكس فعند تباطؤ الاقتصاد، قيرتفع الطلب عليها، مما يقلل من عائداتها.

سياسة بنك اليابان النقدية

تشكل السياسة النقدية التي يتبعها بنك اليابان دور كبير في التحكم في عائدات سندات اليابان أجل 10 سنوات. على سبيل المثال عندما يقوم البنك برفع أسعار الفائدة، يصبح الاقتراض أكثر تكلفة، مما يزيد من عوائد السندات. والعكس بالعكس.

التضخم

تلقى توقعات التضخم بتأثيرها على عائدات سندات اليابان أجل 10 سنوات فعندما تشير التوقعات لزيادة محتملة في توقعات التضخم يطالب المستثمرون بعائد أعلى على السندات للحفاظ على قوة شرائية المدفوعات الفائدية.

أصل استثماري آمن

تعتبر عوائد سندات اليابان أجل 10 سنوات أكثر استقرارًا مقارنةً بالأصول الأخرى، مما يجعلها إضافة جيدة لمحفاظ الاستثمار، بسبب دورها في تنويع الأصول، وتقليل حجم المخاطر.

كيف يتم شراء السندات؟

يمكن للمستثمرين شراء عوائد سندات اليابان أجل 10 سنوات من خلال الاسواق الثانوية أو من خلال المزادات التي يعقدها بنك اليابان المركزي.

التحكم في منحنى العائد

قام بنك اليابان (BOJ) مؤخرًا بتنفيذ إجراءات تهدف إلى زيادة العوائد على سندات الحكومة اليابانية (JGBs). تأتي هذه الخطوة كجزء من جهود البنك المركزي لمعالجة بيئة أسعار الفائدة المنخفضة باستمرار وتحفيز النمو الاقتصادي في البلاد.

إحدى الأدوات الأساسية التي يستخدمها بنك اليابان للتأثير على عوائد سندات الحكومة اليابانية هو برنامج شراء السندات، المعروف باسم التيسير الكمي (QE). بموجب هذا البرنامج، يشتري البنك المركزي كميات كبيرة من السندات الحكومية من المؤسسات المالية، ويضخ السيولة في السوق ويؤدي إلى انخفاض العائدات. ومع ذلك، مع اقتراب أسعار الفائدة بالفعل من الصفر، فإن فعالية هذه السياسة محدودة في تحفيز الاقتراض والاستثمار.

لمكافحة هذه المشكلة، قرر بنك اليابان تعديل عمليات شراء السندات. بدلاً من استهداف كمية محددة من مشتريات السندات الحكومية اليابانية، فإنها تهدف الآن إلى التحكم في أسعار الفائدة من خلال تحديد نطاق يمكن أن تتقلب فيه العائدات. يُعرف هذا النهج باسم التحكم في منحنى العائد (YCC).

في إطار سياسة التحكم في منحنى العائد، يسعى بنك اليابان إلى:

  • الحفاظ على أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند حوالي -0.1٪
  • يسمح لعوائد السندات الحكومية اليابانية لمدة 10 سنوات بالتحرك في نطاق يبلغ حوالي 0٪. من خلال الحفاظ على منحنى عائد أكثر حدة.
  • حيث تكون المعدلات طويلة الأجل أعلى من المعدلات قصيرة الأجل،
  • يتم تحفيز البنوك على الإقراض بشكل أكثر نشاطًا وتحفيز النشاط الاقتصادي.

سياسة التيسير النقدي الأوسع نطاقًا

علاوة على ذلك، قام بنك اليابان أيضًا بتوسيع مشترياته من الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) وصناديق الاستثمار العقاري (REITs) كجزء من سياسة التيسير النقدي الأوسع نطاقًا. تهدف عمليات شراء الأصول الإضافية هذه إلى ضخ السيولة في الأسواق المالية وتشجيع سلوك المخاطرة بين المستثمرين.

لا يخلو قرار زيادة عائدات سندات الحكومة اليابانية من التحديات. يحتاج بنك اليابان إلى تحقيق توازن دقيق بين تحفيز النمو الاقتصادي وتجنب التقلبات المفرطة في الأسواق المالية. إذا ارتفعت العائدات بسرعة كبيرة أو بشكل غير متوقع، فقد يؤدي ذلك إلى عواقب سلبية مثل زيادة تكاليف الاقتراض للشركات والأسر.

علاوة على ذلك، في حين أن عائدات السندات الحكومية اليابانية المرتفعة قد تفيد المدخرين والمستثمرين الذين يسعون للحصول على عوائد أعلى، إلا أنها قد تشكل تحديات للحكومة اليابانية. بصفتها أكبر مُصدِر لسندات الحكومة اليابانية، ستواجه الحكومة مدفوعات فائدة متزايدة على ديونها، مما قد يؤدي إلى إجهاد المالية العامة.

باختصار، اتخذ بنك اليابان خطوات لزيادة عوائد السندات الحكومية اليابانية من خلال سياسة التحكم في منحنى العائد والتعديلات على برنامج شراء السندات. من خلال الحفاظ على منحنى عائد أكثر حدة وتشجيع نشاط الإقراض، يهدف البنك المركزي إلى تحفيز النمو الاقتصادي في اليابان. ومع ذلك، لا يزال تحقيق التوازن بين هذه الأهداف وتجنب التقلب المفرط في السوق يمثل تحديًا لواضعي السياسات.

تدخل بنك اليابان في سوق العملات 

مثلما يتدخل بنك اليابان (BOJ) في أسواق العملات والسندات عن طريق شراء أو بيع الين الياباني والسندات الحكومية اليابانية (JGBs). يمكن أن يتدخل بنك اليابان في أسواق العملات إما بشكل مباشر أو غير مباشر. التدخل المباشر يشمل قيام بنك اليابان بشراء أو بيع الين أو سندات الحكومة اليابانية في السوق المفتوحة. هذا هو الشكل الأكثر وضوحًا للتدخل، وعادة ما يتم عندما يريد بنك اليابان الإدلاء ببيان قوي حول نواياه.

التدخل غير المباشر ينطوي على استخدام بنك اليابان لأدوات سياسته النقدية للتأثير على قيمة الين أو العائد على سندات الحكومة اليابانية. على سبيل المثال، يمكن لبنك اليابان أن يخفض أسعار الفائدة من أجل جعل الين أكثر جاذبية للمستثمرين.

قرار بنك اليابان بالتدخل في الأسواق يتخذه وزير المالية، لكن بنك اليابان هو المسؤول عن تنفيذ التدخل. يتدخل بنك اليابان عادة في الأسواق عندما يعتقد أن قيمة الين أو العائد على سندات الحكومة اليابانية لا يتماشى مع المصالح الاقتصادية للبلاد.

 تدخل بنك اليابان في أسواق العملات والسندات 

  • في سبتمبر 2022، تدخل بنك اليابان في سوق العملات لدعم الين بعد أن هبط إلى أدنى مستوى في 24 عامًا مقابل الدولار الأمريكي. اشترى بنك اليابان مبلغًا لم يكشف عنه من الين في السوق المفتوحة، وساعد التدخل على استقرار العملة.
  • في أكتوبر 2022، تدخل بنك اليابان في سوق السندات لخفض العائد على سندات الحكومة اليابانية. اشترى بنك اليابان كمية غير معلنة من سندات الحكومة اليابانية في السوق المفتوحة، وساعد التدخل في دفع عائد سندات الحكومة اليابانية إلى الأسفل.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن تدخلات بنك اليابان ليست ناجحة دائمًا. في بعض الحالات، قد يكون بنك اليابان غير قادر على تحقيق النتيجة المرجوة، وقد يكون للتدخل عواقب غير مقصودة.

 

التعليقات مغلقة.