الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها على الاطلاق تواصل تراجع الليرة التركية مقابل الدولار خلال تداولات شهر أكتوبر الجاري، حيث ارتفع الدولار مقابل الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها على الاطلاق مقتربًا من مستويات 28.50 ليرة لكل دولار.
يأتي التراجع على الرغم من التحول في السياسة النقدية التي تتبعها تركيا في الوقت الحالي، حيث انقلب الفريق الاقتصادي الجديد الذي عينه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على النظرية الاقتصادية غير التقليدية والقائمة على رفع رفض أسعار الفائدة المرتفعة التي يعتقد أنها تسبب التضخم وتضر بالفقراء، وذلك مع رغبة أردوغان في مواصلة “حرب الاستقلال الاقتصادية” وتعزيز نمو تركيا وصادراتها بعملة تنافسية.
لكن الأرقام الاقتصادية التي سجلها الاقتصاد التركي من تراجع حجم الاحتياطي النفدي الاجنبي والذي استنزف بسبب دعم سعر الليرة ومنع انهيارها مقابل الدولار، كذلك ارقام التضخم المرتفعة، حيث واصل التراجع الحاد لقيمة الليرة التركية، التي فقدت نحو 45% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام حيث الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها على الاطلاق، كما ارتفاع التضخم الذي وصل إلى 21% في أكتوبر.
دفعت الرئيس التركي للتحول عن هذه النظرية غير التقليدية عقب الانتخابات الرئاسية التي تمت في شهر مايو الماضي. خاصة مع التأثير السلي لجائحة كوفيد-19 والعقوبات الأمريكية والتوترات الجيوسياسية على الاقتصاد التركي الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات والديون الخارجية.
تحول السياسة النقدية في تركيا بعد انتخابات مايو 2023
بعد تجاح أردوغان في الانتخابات الرئاسية الماضية اتخذ عدة خطوات تهدف في المقام الاول خفض التضخم إلى خانة الآحاد والذي يبدو هدف بعيد المنال في الوقت الحالي، الا ان أبرز تلك الخطوات كانت
- تعديل أردوغان للمناصب الاقتصادية الرئيسية، مثل محافظ البنك المركزي ووزير المالية، لمواءمتها مع رؤيته الجديدة.
- رفع الفائدة التركية عدة مرات على مدار عدة أشهر متتالية
- التخلص من ودائع الليرة التركية المحمية من تقلبات سعر الصرف الأجنبية
- الضغط على حجم الواردات خاصة الذهب والذي ساهم في ارتفاع عجز الحساب الجاري
- تحفيز المستثمرين الاجانب للعودة للاستثمار في تركيا، والتركيز المستثمرين من الخليج العربي.
- وقف دعم سعر الليرة عن طريق ضخ الاحتياطي النقدي من الدولار في الأسواق.
رفع اسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية
قام البنك المركزي التركي (TCB) برفع سعر الفائدة الرئيسي أربع مرات منذ يونيو 2023، في محاولة للحد من التضخم المرتفع وتحقيق استقرار الليرة التركية. وتبلغ الزيادة التراكمية في سعر الفائدة 26.5 نقطة مئوية، من 8.5% إلى 35%. وجاءت مواعيد ومبالغ الزيادات على النحو التالي:
- في يونيو 2023: رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 6.5 نقطة مئوية، من 8.5% إلى 15%، في تحول كبير عن السياسة السابقة المتمثلة في خفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع معدلات التضخ.
- يوليو 2023: رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 2.5 نقطة مئوية أخرى، من 15% إلى 17.5%، مشيراً إلى الحاجة إلى تعزيز التشديد النقدي حتى يتم تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم.
- في 24 أغسطس 2023: رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 7.5 نقاط مئوية، من 17.5% إلى 25%،
- في 28 سبتمبر 2023: رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 5 نقاط مئوية، من 25% إلى 30%،
- 26 أكتوبر 2023: رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 5 نقاط مئوية أخرى، من 25% إلى 35%، وذلك تماشيًا مع توقعات الاقتصاديين. وقال البنك المركزي إنه سيزيد من تعزيز التشديد النقدي في الوقت المناسب وبطريقة تدريجية حتى تتحسن توقعات التضخم.
وقد أشاد بعض المحللين والاقتصاديين بالإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي باعتبارها ضرورية وحكيمة لاستعادة ثقة المستثمرين ومنع حدوث أزمة العملة. ومع ذلك، يحذر البعض أيضًا من أن رفع أسعار الفائدة قد لا يكون كافيًا لترويض التضخم وتحقيق استقرار الليرة، نظرًا للمشاكل الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد التركي، مثل اعتماده على الواردات والديون الخارجية، وانخفاض معدل الادخار، والوضع السياسي والجيوسياسي.
الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها على الاطلاق
توقعات الليرة التركية مقابل العملات الرئيسية
بعد تراجع الليرة التركية تسجل أدنى مستوى لها على الاطلاق توقع كومرتس بنك أن تنخفض قيمة الليرة التركية بنسبة 10% أخرى إلى 30 [للدولار] بحلول نهاية العام، لكن المخاطر تميل إلى انخفاضات أكبر وأكثر فوضوية. وتوقعت أيضًا أن يصل سعر صرف اليورو/الليرة التركية إلى 20.34 في الربع الثالث و20.88 في الربع الرابع، قبل أن ينتعش إلى 17.92 بحلول الربع الرابع من عام 2023
في غضون ذلك، توقع موقع إنفستينج كيوب أن سعر الدولار الأمريكي/الليرة التركية من المحتمل أن ينتهي عام 2022 في نطاق 27 ثم يشهد اختراقًا صعوديًا في عام 2023 ليصل إلى 29. كما حذرت من أن الليرة قد تواجه رحلة صعبة بسبب الانتخابات والتخفيضات الضريبية المحتملة في البلاد.
اخيراً، حافظ بنك جيه بي مورجان على تفضيله لليرة التركية لأنه يراها رخيصة وتنافسية، ويتوقع أن تمنع السلطات المزيد من انخفاض قيمة العملة لتجنب تأجيج التضخم.
التعليقات مغلقة.